حساسية الارتكاريا: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج
تعد حساسية الارتكاريا أو ما يعرف بالأورتيكاريا واحدة من الحالات الجلدية الشائعة التي تصيب الأشخاص في مختلف الأعمار. تصنف هذه الحالة ضمن أمراض الحساسية التي تحدث نتيجة تفاعل غير طبيعي للجهاز المناعي مع بعض المثيرات أو المحفزات، مما يؤدي إلى ظهور بقع حمراء مرفوعة، تتفاوت في الحجم وتسبب الحكة. قد تكون الارتكاريا حالة مؤقتة تختفي في غضون ساعات أو أيام، إلا أن البعض يعاني منها بشكل مزمن مما يستدعي تدخلًا طبيًا لتحديد الأسباب والعلاج المناسب.
ما هي حساسية الارتكاريا؟
حساسية الارتكاريا هي حالة جلدية تتمثل في ظهور بثور أو نتوءات حمراء أو وردية على الجلد، والتي يرافقها عادة حكة شديدة. تحدث هذه البثور نتيجة لتفاعلات تحسسية، حيث يفرز الجسم مادة الهيستامين استجابةً للمؤثرات أو المواد التي يتعامل معها جهاز المناعة على أنها ضارة. الهيستامين هو مركب كيميائي موجود في خلايا الدم البيضاء، وهو المسئول عن الأعراض المصاحبة للعديد من ردود الفعل التحسسية، مثل الحكة والاحمرار.
أنواع حساسية الارتكاريا
تنقسم الارتكاريا إلى نوعين رئيسيين بناءً على مدة ظهور الأعراض ومدى استمراريتها:
1. الارتكاريا الحادة
الارتكاريا الحادة هي النوع الأكثر شيوعًا، وغالبًا ما تكون مؤقتة. يمكن أن تستمر الأعراض في هذه الحالة من بضع ساعات إلى عدة أيام. تنتج هذه الحالة عادة عن تعرض الشخص لمواد أو مؤثرات تحسسية، مثل بعض الأطعمة، أو الأدوية، أو المواد الكيميائية في البيئة. في بعض الحالات، قد تكون الإصابة ناتجة عن عدوى فيروسية أو بكتيرية.
2. الارتكاريا المزمنة
الارتكاريا المزمنة هي حالة نادرة إلى حد ما، وتستمر فيها الأعراض لأكثر من ستة أسابيع. في هذا النوع من الارتكاريا، لا يكون السبب في الغالب واضحًا، ويمكن أن يكون مرتبطًا باضطرابات في جهاز المناعة أو قد يحدث دون وجود محفز خارجي واضح.
أسباب حساسية الارتكاريا
تعتبر حساسية الارتكاريا نتيجة تفاعل مع محفزات معينة يمكن أن تتنوع بين عوامل بيئية، غذائية، وعوامل طبية. لا يزال السبب الدقيق وراء الارتكاريا غير واضح تمامًا، ولكن تم تحديد العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى تحفيز الجهاز المناعي لإفراز الهيستامين في الدم:
-
التحسس الغذائي:
بعض الأطعمة يمكن أن تسبب ردود فعل تحسسية شديدة في الأشخاص المعرضين لهذه الحالة. الأطعمة الشائعة التي قد تسبب الارتكاريا تشمل البيض، الأسماك، المكسرات، القمح، والفواكه الحمضية. كما يمكن أن تتسبب بعض المواد المضافة للأطعمة، مثل الأصباغ الحمراء، في تحفيز الأعراض. -
الأدوية:
بعض الأدوية يمكن أن تسبب تفاعلات تحسسية تؤدي إلى ظهور الارتكاريا. تشمل الأدوية التي قد تسبب هذه الأعراض مضادات البكتيريا مثل البنسلين، بالإضافة إلى الأدوية المستخدمة لعلاج ضغط الدم المرتفع والمسكنات. -
العدوى الفيروسية والبكتيرية:
في بعض الحالات، يمكن أن تكون الارتكاريا ناتجة عن الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية، مثل الإنفلونزا أو التهاب الحلق. قد تساهم هذه العدوى في تنشيط جهاز المناعة بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض الجلدية. -
العوامل المناعية:
في بعض الأحيان، قد تكون الارتكاريا ناتجة عن تفاعل غير طبيعي للجهاز المناعي مع الأنسجة السليمة في الجسم. في حالات نادرة، يمكن أن تكون الارتكاريا نتيجة لأمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء. -
العوامل البيئية:
التعرض لظروف بيئية قاسية مثل درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة، أو التعرق المفرط، قد يساهم في ظهور أعراض الارتكاريا. يمكن أن تكون بعض المواد الكيميائية في المستحضرات التجميلية أو المنظفات المنزلية من العوامل المحفزة. -
الإجهاد النفسي:
التوتر والقلق يمكن أن يؤديان إلى تفاعل الجسم مع الهيستامين، ما يسبب ظهور أعراض الارتكاريا. في العديد من الحالات، يلاحظ الأشخاص المصابون بالارتكاريا المزمنة أن التوتر يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
الأعراض المصاحبة لحساسية الارتكاريا
تتراوح الأعراض المصاحبة لحساسية الارتكاريا من خفيفة إلى شديدة، وتشمل عادة:
-
ظهور بثور أو نتوءات حمراء على الجلد: تكون هذه البثور مرفوعة عن سطح الجلد وتسبب الحكة الشديدة.
-
الشعور بالحكة: وهي من الأعراض الأكثر شيوعًا، حيث يعاني المريض من رغبة شديدة في حك الجلد المصاب.
-
تورم الجلد: في بعض الحالات، قد يتسبب الارتكاريا في تورم الجلد المحيط بالبثور، وخاصة في مناطق مثل الشفاه، الجفون، واليدين.
-
تغيير في اللون والملمس: يمكن أن تتحول البثور إلى لون أغمق بعد فترة من الحكة المستمرة، وقد تصبح ناعمة أو لامعة.
-
الأعراض التنفسية: في حالات نادرة، قد تتسبب الارتكاريا في صعوبة في التنفس أو الشعور بضيق في الصدر نتيجة لتورم في الحلق.
تشخيص حساسية الارتكاريا
يتطلب تشخيص الارتكاريا تقييمًا شاملاً للحالة الصحية للمريض، وقد يتضمن عددًا من الفحوصات والاختبارات لتحديد السبب الرئيسي للطفح الجلدي. عادة ما يبدأ الطبيب بالتاريخ الطبي للمريض وسؤاله عن أعراضه ومدة حدوثها، بالإضافة إلى فحص الجلد لتحديد شكل الارتكاريا.
في حالة الارتكاريا المزمنة أو التي يصعب تحديد سببها، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوصات المعملية لاستبعاد حالات طبية أخرى. تشمل هذه الفحوصات اختبارات الدم للكشف عن وجود أي علامات التهابية أو تحسسية، وكذلك اختبارات الجلد للتحقق من التحسس تجاه مواد معينة.
علاج حساسية الارتكاريا
يعتمد العلاج على شدة الأعراض ومدة حدوثها. قد تتنوع العلاجات من العلاجات المنزلية البسيطة إلى الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب، التي تشمل:
1. مضادات الهيستامين:
تعد مضادات الهيستامين أول خيار لعلاج الارتكاريا، حيث تعمل على تقليل إفراز الهيستامين في الجسم وبالتالي تقليل الأعراض المصاحبة مثل الحكة والتورم. يتم تناول هذه الأدوية إما عن طريق الفم أو من خلال الكريمات الموضعية.
2. الكورتيكوستيرويدات:
في حالات الارتكاريا الشديدة أو المزمنة، قد يصف الطبيب أدوية تحتوي على الكورتيكوستيرويدات لتقليل الالتهاب والحد من الأعراض. يمكن أن تكون هذه الأدوية على شكل أقراص أو كريمات موضعية.
3. الأدوية المثبطة للمناعة:
إذا كان السبب وراء الارتكاريا مرتبطًا بمشكلة في الجهاز المناعي، قد يتطلب العلاج أدوية تهدف إلى تثبيط الجهاز المناعي وتقليل استجابته غير الطبيعية.
4. العلاج بالأدوية البيولوجية:
في حالات الارتكاريا المزمنة، يمكن أن يكون العلاج بالأدوية البيولوجية هو الخيار الأخير، حيث تقوم هذه الأدوية بتثبيط تفاعلات المناعة المتسببة في الارتكاريا.
5. تجنب المحفزات:
أحد أهم جوانب علاج الارتكاريا هو تحديد المحفزات وتجنبها. يمكن أن تشمل هذه المحفزات الأطعمة المسببة للتحسس، أو الأدوية، أو الظروف البيئية التي تساهم في تفاقم الأعراض.
6. العلاجات المنزلية:
في الحالات الخفيفة، قد تساعد بعض العلاجات المنزلية مثل الاستحمام بماء فاتر وتطبيق مرطبات على الجلد في تخفيف الأعراض.
الوقاية من حساسية الارتكاريا
الوقاية من الارتكاريا تعتمد بشكل كبير على تجنب المحفزات التي تسبب ردود فعل تحسسية. من أبرز طرق الوقاية:
-
تجنب المواد المسببة للحساسية: مثل الأطعمة، الأدوية، أو المواد الكيميائية التي قد تسبب ردود فعل تحسسية.
-
التحكم في الإجهاد النفسي: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا يمكن أن تساعد في تقليل احتمالية تفاقم الأعراض.
-
الحفاظ على نظافة الجلد: العناية الجيدة بالجلد وترطيبه يمكن أن يساعد في تقليل التهيج الناجم عن الارتكاريا.
الخلاصة
حساسية الارتكاريا هي حالة شائعة يمكن أن تؤثر على الأشخاص في جميع الأعمار. قد تكون أسبابها متنوعة، وتشمل التحسس الغذائي، الأدوية، العدوى، العوامل البيئية،
